اتفق العلماء على جواز إقامة غير المؤذن مع وجود المؤذن؛ لما رواه أحمد في "المسند" وأبو داود من حديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه أنه:

 "أُرِيَ الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: "أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ" فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ فَأَذَّنَ بِلَالٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَا رَأَيْتُهُ وَأَنَا كُنْتُ أُرِيدُهُ، قَالَ: "فَأَقِمْ أَنْتَ" (1). وفيه ضعيف.

وقد روى ابن أبي شيبة في "المصنف" عن بعض مؤذني النبي صلى الله عليه وسلم: "أن ابن أم مكتون كان يؤذن ويقيم بلال، وربما أذن بلال وأقام ابن أم مكتوم (2). 

وفيه جهالة.

وأما حديث زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُؤَذِّنَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَأَذَّنْتُ، فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ أَخَا صُدَاءٍ قَدْ أَذَّنَ وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ" (3).  

فلا يصح؛ فقد رواه أحمد وأبو داود الترمذي، وفيه الْأَفْرِيقِي هُوَ ضَعِيفٌ.

وما رواه البيهقي من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مسير له فحضرت الصلاة، فنزل القوم، فطلبوا بلالاً فلم يجدوه، فقام رجل فأذن، ثم جاء بلال، فقال القوم: إن رجل قد أذن، فمكت القوم هوناً ثم أن بلالاً أراد أن يقوم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا تُقِمْ يَا بِلَالُ، فَإِنَّمَا يُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ" (1). ضعيف أيضاً.

والأولى أن يختص بالإقامة من أذن، لما رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" بإسناد صحيح عن عبدالعزيز بن رفيع، قال: "رأيت أبا محذورة وَقَدْ أَذَّنَ إِنْسانٌ قَبْلَهُ، فَأَذَّنَ هُوَ وَأَقَامَ" (2).

ولذا فقد قال الإمام الترمذي في "جامعه" (3):

"والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، أن من أذن، فهو يقيم".

وإن لم يعد الأذان، فلا حرج عليه.

المراجع

  1. البيهقي (1909).
  2. ابن أبي شيبة (1/215).
  3.    (1/241).
  4. أحمد (16590)، أبو داود (512).
  5. المصنف (1/215).
  6. أحمد (17678، 17679)، أبو داود (514).