الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر للأذان والإقامة أفضل باتفاق العلماء.
فقد روى الترمذي
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لَا يُؤَذِّنُ إِلَّا مُتَوَضِّئٌ" (1)
لكنه لا يصح مرفوعاً، والصواب وقفه على أبي هريرة، صوبه الحفاظ كالترمذي والبغوي.
وروى أهل السنن – إلا الترمذي –
من حديث الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ
أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: "إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ" أَوْ قَالَ:" عَلَى طَهَارَةٍ" (2).
وروى أبو الشيخ في "كتاب الأذان" بسند ضعيف من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"يا ابن عباس: إن الأذان متصل بالصلاة، فلا يؤذن أحدكم إلا وهو طاهر" (3).
وروى البيهقي وأبو الشيخ من حديث عبدالجبار بن وائل عن أبيه وائل بن حُجر رضي الله عنه أنه قال: "حق وسنة مسنونة أن لا يؤذن إلا وهو طاهر" (1)،
وعبدالجبار، وإن لم يسمع من أبيه فحديثه يحمل ما لم يخالف.
ورواه عبدالرزاق في "مصنفه" عن ابن جريج عن عطاء من قوله (2).
وأذان المحدِثِ حدثا أصغر صحيح بلا خلاف. وقد حكى الإجماع على ذلك ابن هبيرة في "الإفصاح".
ويكره إقامة المحدث؛ لأن الإقامة يعقبها صلاة.
وأما الأذان، فلا يكره فيه ذلك، وهو وقول جماعة كالإمام مالك، وهو مذهب الحنابلة وغيرهم،
وقد ذكر بعض الفقهاء من الحنفية أن بلالاً ربما أذن وهو على غير وضوء، ولم أره مخرجاً في المصنفات والمسانيد وكتب السنة والأثر.
وأما أذان المحدث حدثا أكبر، فصحيح عند الجمهور مع الكراهة، وهو الصواب.
وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها كما في "الصحيح":
"أن النبي صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ" (3).