اتفق العلماء على مشروعية قول المؤذن عند المطر أو الريح: "ألا صلوا في رحالكم"، أو "الصلاة في الرحال"، لما روي في "الصحيحين"
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما:
"أَنَّه أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وَرِيحٍ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ ذَاتُ بَرْدٍ وَمَطَرٍ يَقُولُ: أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ" (1).
وما رواه أحمد في "مسنده" وأبو داود في "سننه" من حديث أسامة الهذلي رضي الله عنه: "أَنَّ يَوْمَ حُنَيْنٍ كَانَ يَوْمَ مَطَرٍ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيَهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الرِّحَالِ" (2).
وعنه أيضاً في "مسند أحمد" – وصححه ابن خزيمة – أنه قال: "لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَصَابَتْنَا سَمَاءٌ لَمْ تَبُلَّ أَسَافِلَ نِعَالِنَا، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ" (3).
وموضع ذكر الصلاة في الرحال، الأمر فيه واسع؛ سواء قالها في أثناء الأذان أو بعد الفراغ منه فكل ذلك جائز، جاء به الدليل، ففي قوله أثناء الأذان: جاء ما رواه البخاري في "صحيحه" من حديث عبدالله بن الحارث، قال: "خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ فِي يَوْمٍ رَدْغٍ فَلَمَّا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ فَنَظَرَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالَ فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَإِنَّهَا عَزْمَةٌ" (1).
وما رواه أحمد في "مسنده" وعبدالرزاق في "المصنف" عن نعيم بن النحام، قال: "سَمِعْتُ مُؤَذِّنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ وَأَنَا فِي لِحَافِي فَتَمَنَّيْتُ أَنْ يَقُولَ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ ثُمَّ سَأَلْتُ عَنْهَا فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ" (2).
وفي إسناده جهالة.
وما رواه أحمد والنسائي وغيرهما عن رجل من ثقيف: "أَنَّهُ سَمِعَ مُنَادِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم – يَعْنِي فِي لَيْلَةٍ مَطِيرةٍ فِي السَفَرِ –
يَقُولُ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ، صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ" (3).
وأما قولها بعد الأذان، فلما رواه البخاري ومسلم من حديث نافع، قال: "أَذَّنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجْنَانَ ثُمَّ قَالَ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِهِ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْمَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ (1).
ولم يثبت في عدد المرات شيء، فيكون راجعاً إلى المؤذن بالقدر الذي يرى أنه قد أبلغ الناس فيه.