* لا يصح الأذان من كافر بالاتفاق، بل لا بد من مسلم بلا خلاف.
* والصبي غير المميز لا يُعتد بأذانه ولا إقامته عند عامة العلماء.
* والأولى في المؤذن البلوغ عند عامة الفقهاء، وأذان غير البالغ المميز صحيح على الصحيح، حيث تصح إمامته، فأذانه من باب أولى، ولحديث مالك بن الحويرث
عندما قال له النبي صلى الله عليه وسلم:
"إِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ" (1).
فلم يعتد النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان السِّنَّ، بخلاف الإمامة، وإن كان في الإمامة المراد الأولى لا على الوجوب؛ لما أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" عن عبدالله بن أبي بكر، قال: كان عمومتي يأمرونني أن أؤذن لهم وأنا غلام لم أحتلم، وأنس شاهد فلم ينكره، وقد عد ابن مفلح في "المبدع" (2) صحة أذانه كالإجماع عندهم.
* ولا بد في المؤذن أن يكون ذكراً باتفاق العلماء، إلا وجهاً شاذاً لبعض الفقهاء من الشافعية أن للمرأة أن تؤذن.
والجماعة للرجال والأذان متعلق بها، وعليه جاء العمل في عصر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة؛ ففي "الصحيحين"
من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما:
"كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ فَقَالَ عُمَرُ أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ" (1).
وقد أخرج هذا الحديث البيهقي في "سننه"، واحتج به على عدم صحة أذان المرأة، فترجم عليه: "باب المرأة لا تؤذن للرجال".
وأذان النساء لم يرد في السنة، ولم يكن من عمل السلف، فكان من البدع المحدثات.
والمقصود هنا أذانهن للجماعة وفي المساجد، أما أذان المرأة لنفسها في بيتها، فقد رخص فقيه غير واحد من السلف.
* ولا بد في المؤذن أن يكون عاقلاً على الصحيح؛ فمن سُلِب عقله بجنون، فليس هو من أهل العبادة، لعدم إدراكه للتكليف، فلا تصح العبادة منه.
* والأولى بالمؤذن العلم بالأوقات بنفسه لا بغيره، وإن اعتمد على غيره، فلا بأس؛ ففي الحديث في وصف ابن أم مكتوم: "وكان رجلاً أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت، أصبحت" (1).
* والعدالة يؤكد توفرها في المؤذن بالاتفاق، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن" (2).
وحديث أبي محذورة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمناء المسلمين على صلاتهم وسحورهم المؤذنون" (3).
والأمانة لا تكون إلا ممن تحققت فيه العدالة، ويصح أذان الفاسق على الصحيح.
أولها: أن يكون المؤذن مبصراً عند جمهور العلماء؛ لأنه أعلم بدخول الوقت، وتحري الفضاء وترقبه، وبعض الفقهاء كالمالكية لا يفرقون بين مبصر وغيره؛ لأنه كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمى، وهو ابن أم مكتوم.
وأذان الأعمى صحيح بالاتفاق، لكن كرهه بعض السلف في آثار متعددة؛ منها: ما رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "مَا أُحِبُّ أَن يَكونَ مُؤَذِّنُوكُمْ عُمْيانكُم" (1).
وروى أيضاً أن ابن عباس رضي الله عنهما كره إقامة الأعمى.
وروى أيضاً أن ابن الزبير رضي الله عنهما كان يكره أن يؤذن وهو أعمى.
ثانيها: أن يكون المؤذن جهورياً، حسن الصوت، ندياً، دون ما فيه فظاظة وخشونة باتفاق العلماء؛ ففي "المسند" و "سنن أبي داود" والترمذي وابن ماجه
من حديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
"قُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ" (2).
وقد علقه البخاري مجزوماً، وأسنده ابن أبي شيبة في "المصنف" عن عمر بن سعيد أن مؤذناً أذن فطرب في أذانه، فقال له عمر بن عبدالعزيز: "أذن أذاناً سمحاً، وإلا فاعتزلنا" (3).
ثالثها: أن يكون المؤذن حراً لا عبداً مملوكاً، ويملك نفسه ووقته، فالعبد قد يفرط في وقت الأذان والإقامة؛ لأنه مأمور من سيده بغير ذلك، وقد نقل الإجماع على ذلك غير واحد.