هذا النداء العظيم اشتمل على معانٍ عظيمة تتبين لمن تفكر فيها بعقل رزين، ففيه الحث على ترك ما سوى الله تعالى من ملهيات الحياة وأشغالها والانطلاق إلى حيث السمو الروحي، فكل ما له قيمة دنيوية عند الإنسان فإن الله أكبر منه.
فليس من المعقول أن ينشغل المسلم بالدنيا عما هو أعظم منها!! ويتكون الأذان من ستة جمل متكررة بيانها فيما يلي:
وهي تقال أربع مرات، وهي جملة افتتاحية تثير التساؤل!! فهي لا تخبرك الله أكبر من ماذا؟! هذا لأنك تستطيع أن تكمل الجملة بأي كلمة.. فالله أكبر من كل شيء ومن أي شيء.. الله أكبر من أي شيء تفعله وقت قدوم الصلاة.. لذلك يجب عليك ترك أي شيء تفعله عندما ينادي الله عليك..
لو أنك تؤمن أنه لا إله إلا الله فإنك لن تعبد سواه، لن تعبد الوظيفة أو العمل أو الرغبة أو النجاح أو اللذة.. لأن العبادة ليست فقط حركات جسدية تؤديها وإنما أن تضع طاعة الله فوق أي شيء، ولذا فالمسلم حين يشهد أنه لا إله إلا الله فإنه يؤمن حينها بأن عبادة الله سبحانه وتعالى هي أعظم قيمة في حياته، بل لا معنى لحياته بغيرها.
وتعني أن محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الله إلى هذا العالم، وقد سبقه رسل آخرون مثل: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام. وكانت دعوتهم قائمة على دلالة البشر إلى عبارة الأذان السابقة (أشهد ألا إله إلا الله).
هنا يحثك المؤذن على القدوم مباشرة لأداء الصلاة، فالصلاة انفصال عن اللهاث الدنيوي خلف الماديات، وصلة بين العبد وربه.. الغني والفقير.. الأسود والأبيض.. الصغير والكبير.. فالكل يجتمع في المسجد للصلاة.. والصلاة شريعة كل الأنبياء؛ لأنها تخلق في الإنسان السكينة والراحة لتعينه على مواصلة الحياة وتقبل أقدار الله سبحانه وتعالى بنفس راضية مطمئنة..
وتعني هيَّا سارع إلى ما فيه فلاحك ونجاحك؛ فالله تعالى خلق الإنسان ليعبده ويقدسه سبحانه. والإنسان بتحقيقه لهذه العبادة ينال النجاح الحقيقي وهو دخوله الجنة، النجاح الذي يهون في سبيله أي خسارة، وأي تضحية من أجله فهي ثمن زهيد.. إنها جنة الرحمن التي يجب أن تكون هدف كل إنسان على وجه الأرض.. أما إذا خسر الإنسان الجنة فما قيمة أي شيء آخر على وجه الأرض؟!
وكما بدأ المؤذن بتكبير الله وإعلان توحيده يختم أذانه بهما؛ ليظل هذا المعنى الكريم مترسخًا في نفوس المؤمنين، فلا يشغلهم عن الاستجابة له أي صغير دنيء من متاع الدنيا وزخرفها، فكل ما سواه جل وعلا زائل فان.