كتب الكاتب (لافكاديو هيرن) رسالة وجيزة عن المؤذن الأول في الإسلام (بلال بن رباح) قال فيها:
«إن السائح الذي يهجع لأول مرة بين جدران مدينة شرقية، وعلى مقربة من إحدى المنائر، قلَّما تفوته خَشْعَة الفؤاد لذلك الجمال الموقور الذي ينبعث به دعاء المسلمين إلى الصلاة..
وهو لا شك يستوعب في قلبه -إذا كان قد هيأ نفسه للرحلة بالقراءة والمطالعة- كل كلمة من كلمات تلك الدعوة المقدسة، ويتبين مقاطعها وأجزاءها في نغمات المؤذن الرنانة، حيثما أرسل الفجر ضياءه المورد في سماء مصر أو سورية وفاض بها على النجوم.
وإنه ليسمع هذا الصوت أربع مرات أخرى قبل أن يعود إلى المشرق ضياء الصباح: يسمعه تحت وهج الظهيرة اللامعة، ويسمعه قبيل غياب الشمس والمغرب يتألق بألوان القرمز والنضار، ويسمعه عقيب ذلك حين تنسرب هذه الألوان الزاهية في صبغة مزدوجة من البرتقال والزمرد، ثم يسمعه آخر الأمر حين تومض من فوقه ملايين المصابيح التي ترصع بها تلك القبة البنفسجية فوق مسجد لله الذي لا يزول».