لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم (٥٧٠-٦٣٢) والصحابة يؤذنون للصلاة في مكة؛ لأنهم لم يكونوا يجتمعون لها، فقد كان الكفار يضيقون عليهم، فكانوا يصلون خفية حسب الإمكان في الشعاب والبيوت، إما فرادى أو اثنين اثنين؛ حتى لا يؤذيهم المشركون.
ثم لما هاجروا إلى المدينة وشرعت صلاة الجماعة كانوا يقدّرون وقت الصلاة فيحضرون إلى المسجد، وكان هذا شاقًّا عليهم، لأن بعضهم قد يتقدم كثيرًا عن وقت الصلاة فتفوت مصالحه، أو يتأخر هو فتفوته الصلاة، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه يومًا يتشاورون فيما يفعلونه للإعلام بدخول وقت الصلاة، فنظر الصحابة الكرام إلى الحلول المتوفرة في زمنهم، فاقترح بعضهم أن ينفخ في البوق مثل اليهود، واقترح بعضهم أن يستعمل الناقوس مثل النصارى، واقترح بعضهم أن يشعلوا نارًا أو يضعوا رايةً وقت الصلاة،
ولم تجد تلك الاقتراحات قبولًا عند النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الليل أرى الله صحابيًّا اسمه عبد الله بن زيد رؤيا، فرأى كأن رجلًا أتاه فلقنه ألفاظ الأذان، فأسرع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بالرؤيا،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها لرؤيا حق».
ثم أمره أن يلقِّن صحابيًّا آخر اسمه بلال بن رباح كلمات الأذان، لأن بلالًا كان جهوري الصلاة، ومن تلك اللحظة ابتدأت شعيرة الأذان عند المسلمين إلى هذا الزمن الذي لا ينقطع فيه الأذان في أرجاء المعمورة (أبو داود حديث رقم 498).