يحتل الأذان مكانة عظيمة عند المسلمين، فهو صوت يبعث على الاطمئنان في نفوس سامعيه، ويدخل السكينة والأنس إلى قلوبهم، ولا ينقطع شوقهم إليه رغم تكرره، لأنه يذكرهم بأهم الفروض التي أوجبها الله سبحانه وتعالى عليهم كل يوم خمس مرات، حتى لا تنقطع صلتهم بمعبودهم.
وفي الأذان تذكير المسلم مرة بعد مرة بتلبية أمر الله سبحانه وتعالى وعدم نسيان توجيهاته في غمرة الانشغال بالدنيا الفانية. لذلك فلا داعي للانزعاج من هذا الصوت اللطيف الذي فيه اعتراف للعظيم بعظمته وتوحيده، وإعلان هذه العظمة ليسمعها كل موجود، ويرددها المسلمون لتتأكد في أذهانهم معانيها العميقة، ويشاركوا المؤذن فضلها حين يسمعون هذا النداء الذي تهفو لإجابته القلوب السليمة، وتنفر منه القلوب السقيمة، وعلى رأسها الشيطان،
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط، حتى لا يسمع التأذين» (البخاري 608)
. يقول (إدوارد وليام لين) صاحب كتاب (أحوال المصريين المحدثين وعاداتهم): «إن أصوات الأذان أخّاذة جدًّا، ولا سيما في هدأة الليل». وأخبر الله سبحانه وتعالى عن قوم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا إذا أَذَّن المؤذِّن استهزؤوا بهذه العبادة التي تشمل الأذان والصلاة جميعًا.
وأن سبب ما وقعوا فيه هو خفة عقولهم وعدم رغبتهم في التفكير السليم؛ والسفه يؤدي إلى الجهل بمحاسن الحق والاستهزاء به، ولو كان لهم أدنى إدراك أو أقل تفكير لتفكروا بعمق فيما يدل عليه الأذان من دلالات عظيمة ومعان سامية، فلم يتجرؤوا على هذه السفاهات ولم يرتكبوا تلك الحماقات. (المائدة 58).