الأذان بهمزة مقصورة غير ممدودة، ويخطئ الكثيرون في نطقها فيقولون (الآذان بمد الهمزة ) والآذان جمع أذن، والصواب بقصرها، وهو لغة الإعلام، وشرعا الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة.
1 –
عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
( لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا )
رواه البخاري
أي لو يعلم ما في الأذان والصف الأول من الفضيلة وعظيم المثوبة لحكموا القرعة بينهم، لكثرة الراغبين فيها
( والتهجير ) التكبير إلى صلاة الظهر.
( والعتمة ) صلاة العشاء
( وحبوا ) من حبا الصبي : إذا مشى على أربع
2– وعن معاوية : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة )، رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.
معناه أكثر الناس تشوفاً إلى رحمة الله تعالى؛ لأن المتشوف يطيل عنقه إلى ما يتطلع إليه، فمعناه كثرة ما يرونه من الثواب.
وقال النضر بن شميل: إذا ألجم الناس العرق يوم القيامة طالت أعناقهم لئلا ينالهم ذلك الكرب والعرق.
وقيل: معناه أنهم سادة ورؤساء، والعرب تصف السادة بطول العنق.
3– وعن أبي الدرداء قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما من ثلاثة لا يؤذنون، ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان ) رواه أحمد.
4– وعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين ).
1 – عن نافع: أن ابن عمر كان يقول: كان المسلمون يجتمعون فيتحينون الصلاة وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى.
وقال بعضهم: بل قرنا مثل قرن اليهود، فقال عمر: أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا بلال قم فنادي بالصلاة ) رواه أحمد والبخاري .
2 – وعن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس ليضرب به الناس في الجمع للصلاة، وفي رواية، وهو كاره لموافقته للنصارى، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده، فقلت له : يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: ماذا تصنع به؟ قال: فقلت: ندعو به إلى الصلاة قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ فقلت له: بلى، قال: تقول: ( الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله )
ثم استأخر غير بعيد ثم قال: ( تقول إذا أقيمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ).
فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت.
فقال: ( إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك ) قال: فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به قال: فسمع بذلك عمر وهو في بيته؛ فخرج يجر رداءه يقول: والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي أرى، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( فلله الحمد ). رواه أحمد
( أندى صوتا منك ) أي أرفع أو أحسن، فيؤخذ منه استحباب كون المؤذن رفيع صوت وحسنه .
الأول :أنه فرض كفاية: وهو قول أحمد ووجه عند الشافعية، وبه قال ابن حزم وابن المنذر وابن تيمية، واستدلوا بـ:
1- أن الأذان عبادة من أعظم شعائر الإسلام، وقد واظب النبي عليها منذ شرعها الله إلى أن مات رسول الله، ولم يتركها ولم يرخص في تركها يوما.
2- أن النبي جعله علامة على الإسلام ففي الصحيحين عن أنس (أن النبي كان إذا أغزى بنا قوما لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر، فإن سمع أذانا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانا أغار عليهم)
3- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: ( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) رواه أحمد وصححه الألباني. قالوا واستحواذ الشيطان على المؤمن يجب تجنبه فدل على وجوب الأذان.
القول الثاني:
أنه سنة مؤكدة، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، واختلفت الرواية عن مالك فله قول بوجوبه ورواية بأنه قال سنة مؤكدة .
كيف نعلن عن الصلوات التي لا أذان لها؟
قولان للعلماء:
الأول: مذهب الشافعي إلى أنه ينادى لكل صلاة لا يؤذن لها بقول (الصلاة جامعة ).
الثاني: التخصيص بصلاة الكسوف فقط، وهو مذهب الحنفية والمالكية، وخصها الحنابلة بصلاة العيد والكسوف والاستسقاء.
أولا: تربيع التكبير الأول وتثنية باقي الأذان بلا ترجيع ما عدا كلمة التوحيد، فيكون عدد كلماته خمس عشرة كلمة. لحديث عبد الله بن زيد المتقدم.
ثانيا: تربيع التكبير، وترجيع كل من الشهادتين، بمعنى أن يقول المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، يخفض بها صوته، ثم يعيدها مع الصوت. فعن أبي محذورة: أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة. رواه الخمسة وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
ثالثا: تثنية التكبير مع ترجيع الشهادتين فيكون عدد كلماته سبع عشرة كلمة، لما رواه مسلم عن أبي محذورة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه هذا الأذان: ( الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، ثم يعود فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدا رسول الله مرتين، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ).
ما حكم من قدم ( حي على الفلاح ) على ( حي على الصلاة ) في الأذان؟
يجب عليه أن يعيد فيقول ( حي على الصلاة) ثم ( حي على الفلاح) لأنه يشترط في الأذان الترتيب، فإن الأذان ورد على هذه الصفة مرتباً، فإذا نكسه الإنسان فقد خالف الشرع.
التثويب :
ويشرع للمؤذن التثويب، وهو أن يقول في أذان الصبح – بعد الحيعلتين –:
( الصلاة خير من النوم ) قال أبو محذورة: يا رسول الله: علمني سنة الأذان؟ فعلمه وقال ( فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ). رواه أحمد وأبو داود. ولا يشرع لغير الصبح.
فإذا نسي المؤذن قول ( الصلاة خير من النوم ) في أذان الفجر هل يعيد الأذان؟
متى ذكر قريبًا أتى بالتثويب الذي هو: (الصلاة خير من النوم) وإذا لم يَذَّكَّر إلا بعد ما طال الوقت: سقطت ؛ لأنها من السنن، ولا يعيد لأجلها الأذان كله.
أولا: تربيع التكبير الأول مع تثنية جميع كلماتها، ما عدا الكلمة الأخيرة لحديث أبي محذورة أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الإقامة سبع عشرة كلمة: الله أكبر أربعا، أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، أشهد أن محمدا رسول الله مرتين، حي على الصلاة مرتين، حي على الفلاح مرتين، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله ). رواه الخمسة وصححه الترمذي.
ثانيا: تثنية التكبير الأول والأخير وقد قامت الصلاة، وإفراد سائر كلماتها فيكون عددها إحدى عشرة كلمة.
وفي حديث عبد الله بن زيد المتقدم: ثم تقول إذا أقمت: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
ثالثا: هذه الكيفية كسابقتها ما عدا ( كلمة قد قامت الصلاة ) فيها لا تثنى، بل تقال مرة واحدة، فيكون عددها عشر كلمات وبهذه الكيفية أخذ مالك لأنها عمل أهل المدينة، إلا أن ابن القيم قال: لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إفراد كلمة قد قامت الصلاة البتة، وقال ابن عبد البر: هي مثناه على كل حال.
1 – يقول مثل ما يقول المؤذن إلا في الحيعلتين، فإنه يقول عقب كل كلمة: لا حول ولا قوة إلا بالله.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن ). رواه الجماعة .
وعن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر )، فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله قال: أشهد أن محمدا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الل ، من قبله، دخل الجنة ). رواه مسلم
قال النووي: قال أصحابنا: وإنما استحب للمتابع أن يقول مثل المؤذن في غير الحيعلتين فيدل على رضاه به وموافقته على ذلك أما الحيعلة فدعاء إلى الصلاة، وهذا لا يليق بغير المؤذن، فاستحب للمتابع ذكر آخر، فكان لا حول ولا قو إلا بالله، لأنه تفويض محض إلى الله تعالى.
وثبت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا حول ولا قوة إلا بالله ، كنز من كنوز الجنة. )
قال أصحابنا: ويستحب متابعته لكل سامع، من طاهر ومحدث، وجنب وحائض، وكبير وصغير، لانه ذكر، وكل هؤلاء من أهل الذكر.
ويستثنى من هذا المصلي، ومن هو على الخلاء، والجماع، فإذا فرغ من الخلاء تابعه فإذا سمعه وهو في قراءة أو ذكر أو درس أو نحو ذلك، قطعه وتابع المؤذن ثم عاد إلى ما كان عليه إن شاء، وإن كان في صلاة فرض أو نفل، قال الشافعي والأصحاب: لا يتابعه، فإذا فرغ منها قاله، وفي المغني: دخل المسجد فسمع المؤذن استحب له انتظاره، ليفرغ ويقول مثل ما يقول جمعا بين الفضيلتين، وإن لم يقل كقوله وافتتح الصلاة فلا بأس، نص عليه أحمد.
2 – أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الأذان بإحدى الصيغ الواردة، ثم يسأل الله له الوسيلة، لما رواه عبد الله بن عمرو: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له شفاعتي ) رواه مسلم.
وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة ). رواه البخاري.
الوقت بين الأذان والإقامة، وقت يرجى قبول الدعاء فيه فيستحب الإكثار فيه من الدعاء.
فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة ) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال : حديث حسن صحيح . وزاد ( قالوا : ما ذا نقول يا رسول الله ؟ قال: ( سلوا الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة )
وعن عبد الله بن عمرو: أن رجلا قال: يا رسول الله إن المؤذنين يفضلوننا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( قل كما يقولون فإذا انتهيت فسل تعطه ). رواه أحمد وأبو داود.
وعن سهل بن سعد قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثنتان لا تردان – أو قال ما تردان – الدعاء عند النداء، وعند البأس، حين يلحم بعضهم بعضا ). رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وعن أم سلمة قالت: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أذان المغرب: ( اللهم إن هذا إقبال ليلك، وإدبار نهارك، وأصوات دعاتك فاغفر لي ). وسنده ضعيف
ويستحب أيضاً عند الشهادتين أن يقول: رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، فإذا قال المؤذن: " أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله " يقول المستمع مثله، ثم يقول عند ذلك: " رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً " ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأنه ورد في الحديث الصحيح عن سعد بن أبي وقاص في صحيح مسلم (أن من قال ذلك غفر له ذنبه) فيستحب أن يقال هذا عند الشهادتين.
إذا قال المؤذن: الصلاة خير من النوم فكيف يجيبه السامع؟
يجيبه بنفس الكلمة الصلاة خير من النوم لعموم قول النبي (إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن)أما قول صدق رسول الله أو صدقت وبررت فلا دليل عليه فيبقى الأمر على أصله (فقولوا مثلما يقول المؤذن).
هل يردد عند الإقامة؟
يشرع لمن سمع الإقامة أن يقول مثلما يقول المقيم لعموم قول النبي:
(إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن) والإقامة نداء وأذان فقد سماها النبي أذانا في قوله: (بين كل أذانين صلاة)
وقيل لا تشرع الإجابة إلا في الأذان، والأمر واسع إن شاء الله.
ماذا يقول عند قول المؤذن :قد قامت الصلاة؟
ورد أن النبي كان يقول عند قد قامت الصلاة: أقامه الله وأدامها، لكن الحديث ضعيف رواه أبو داود وضعفه الألباني.
وعلى هذا فلا ينكر على قائلها من باب أن الحديث الضعيف يعمل به في الفضائل، ومن العلماء من تمسك بالأصل وهو (إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن) فيقول قدقامت الصلاة مثل المؤذن.
ما حكم زيادة « إنك لا تخلف الميعاد » في دعاء الوسيلة ؟
من المحِّدثين من قال: إنها غير ثابتة لشُذُوذِها؛ لأن أكثر الذين رَوَوا الحديث لم يرووا هذه الكلمة.
ومن العلماء من قال: إنَّ سندها صحيح، وإنها تُقال؛ لأنها لا تُنَافي غيرَها، وممن ذهب إلى تصحيحها الشيخ عبد العزيز بن باز، وقال: إن سندَها صحيح، وقد أخرجها البيهقي بسند صحيح.
وقالوا: إنَّ هذا مما يُختم به الدُّعاء كما قال تعالى: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } آل عمران194، فمن رأى أنَّها صحيحة فهي مشروعة في حقِّه، ومن رأى أنَّها شاذة فليست مشروعة في حقِّه.
يجوز إذا كان في وقت الصلاة فإنها تشرع الإجابة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي … ). أخرجه مسلم
والأولى أن يؤذن المسلم بنفسه في بيته خاصة الإخوة الذين يعيشون في الغرب حيث لا يسمح بالأذان عبر مكبرات الصوت خارج المساجد.
فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة )، وفي رواية: ( إلا التي أقيمت ). رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن.
وعن عبد الله بن سرجس قال: دخل رجل المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الغداة، فصلى ركعتين في جانب المسجد، ثم دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يا فلان بأي الصلاتين اعتددت، بصلاتك وحدك أم بصلاتك معنا ). رواه مسلم.
وفي إنكار الرسول صلى الله عليه وسلم، مع عدم أمره بإعادة ما صلي، دليل على صحة الصلاة وإن كانت مكروهة، وعن ابن عباس قال: كنت أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة، فجذبني نبي الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ( أتصلي الصبح أربعا ؟ ). رواه البيهقي
وقال الحافظ العراقي: (إن قوله: “فلا صلاة” يحتمل أن يراد: فلا يشرع حينئذ في صلاة عند إقامة الصلاة، ويحتمل أن يراد: فلا يشتغل بصلاة وإن كان قد شرع فيها قبل الإقامة بل يقطعها المصلي لإدراك فضيلة التحريم، أو أنها تبطل بنفسها وإن لم يقطعها المصلي، يحتمل كلا من الأمرين ). [نقله الشوكاني في نيل الأوطار 3/91 ].
1– أن يكون طاهرا من الحدث الأصغر والأكبر، لحديث المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ( إنه لم يمنعني أن أرد عليه إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة ). رواه أحمد، فإن أذن على غير طهر جاز مع الكراهة، عند الشافعية، ومذهب أحمد والحنفية وغيرهم عدم الكراهة.
2– أن يكون قائما مستقبل القبلة.
قال ابن المنذر: الإجماع على أن القيام في الأذان من السنة، لأنه أبلغ في الإسماع، وأن من السنة أن يستقبل القبلة بالأذان، وذلك أن مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة، فإن أخل باستقبال القبلة كره له ذلك وصح.
3– أن يلتفت برأسه وعنقه وصدره يمينا، عند قوله: حي على الصلاة، حي الصلاة، ويسارا عند قوله: حي على الفلاح، حي على الفلاح.
قال النووي في هذه الكيفية: هي أصح الكيفيات.
قال أبو جحيفة: وأذن بلال، فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا، يمينا وشمالا، حي على الصلاة، حي على الفلاح. رواه أحمد والشيخان.
وقال البيهقي في استدارة المؤذن: إنها لم ترد من طرق صحيحة، وفي المغني عن أحمد: لا يدور إلا إن كان على منارة يقصد إسماع أهل الجهتين، وعليه فلا يلزم المؤذن الآن الالتفات يمينا وشمالا مع مكبرات الصوت والأجهزة الصوتية الحديثة.
4– أن يدخل إصبعيه في أذنيه، قال بلال: فجعلت إصبعي في أذني فأذنت. رواه أبو داود وابن حبان، وقال الترمذي: استحب أهل العلم أن يدخل المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان.
وهذا لمن يؤذن بصوته ليكون علامة على أنه يؤذن لمن يراه من بعيد وأرفع لصوته، أما من يؤذن في مكبرات الصوت الحديثة فلا مدعاة لذلك حتى لا يؤذي السامعين خاصة مع قوة هذه المكبرات.
5– أن يترسل في الأذان: أي يتمهل ويفصل بين كل كلمتين بسكتة، ويحدر الإقامة: أي يسرع فيها.
وقد روي ما يدل على استحباب ذلك من عدة طرق .
6– أن لا يتكلم أثناء الإقامة: أما الكلام أثناء الأذان فقد كرهه طائفة من أهل العلم، ورخص فيه الحسن وعطاء وقتادة.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يتكلم في أذانه؟ فقال: نعم، فقيل : يتكلم في الإقامة؟ قال: لا، وذلك لأنه يستحب فيها الإسراع.
7- حكم الأذان بغير العربية :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يصح الأذان بغير العربية.
جاء في “الموسوعة الفقهية الكويتية” (11/ 170): ترجمة الأذان: لو أذن بالفارسية أو بلغة أخرى غير العربية، فالصحيح عند الحنفية والحنابلة: أنه لا يصح، ولو علم أنه أذان، وهو المتبادر من كلام المالكية، لأنهم يشترطون في الأذان: أن يكون بالألفاظ المشروعة.
وأما الشافعية فقد فصلوا الكلام فيه، وقالوا: إن كان يؤذن لجماعة، وفيهم من يحسن العربية، لم يجزئ الأذان بغيرها، ويجزئ إن لم يوجد من يحسنها، وإن كان يؤذن لنفسه، فإن كان يحسن العربية لا يجزئه الأذان بغيرها، وإن كان لا يحسنها أجزأه.
وأما ترجمته للتعليم والتفهيم في المدارس ونحوها، فلا حرج فيه .
8- حكم إبدال الهمزة واوا في التكبير:
اختلف الفقهاء في حكم من أبدل الهمزة واوا فقال: ( اللهُ وَكْبَر ) بدلا من ( الله أكبر ) في الصلاة وفي الأذان على قولين، والذي اختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن الصلاة صحيحة، وكذلك الأذان، مع هذا الإبدال.
قال رحمه الله: ” وإذا قال المؤذن: ( اللهُ وَكْبَر ) أي: يجعل الهمزة واواً فنقول: هذا جائز في اللغة العربية، فإذا وقعت الهمزة بعد ضم جائز قلبها واواً، وعلى هذا فالذين يقولون: ( اللهُ وَكْبَر ) أذانهم صحيح، على أن الأَوْلى أن يقولوا: ( اللهُ أَكْبَر ) بتحقيق الهمزة ” انتهى من ” مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ” (12/167).
ومن الخطأ الذي يقع فيه بعض المؤذنين مد الباء فيقول: الله أكبار، وأكبار جمع كَبَر وهو الطبل الكبير، فلا يصح المعنى حينئذ.
ومن اللحن نصب لفظ الجلالة أو لفظ أكبر عند وصل التكبير، فيقول: اللهَ أكبرَ الله أكبر، وهذا لا يؤثر في صحة الأذان وإنما يعلم قائله.
9- حكم أخذ راتب على الأذان:
“ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعثمان بن أبي العاص لما سأله أن يكون إمام قومه قال: (أَنْتَ إِمَامُهُمْ، وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ، وَاتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا) فدل ذلك على أن المؤذن الذي يتبرع بالأذان ويتطوع به يريد ما عند الله أنه أفضل وأولى من غيره، لكن ذكر العلماء أن الذي يُعطى من بيت المال أو ما يقوم مقامه (كوزارات الأوقاف أو الهيئات المسئولة) ما يعينه على ذلك لا حرج عليه في ذلك ولا بأس عليه، لأن بيت المال لمصالح المسلمين، وهكذا الأوقاف التي أوقفها المسلمون على المؤذنين والأئمة لا حرج عليهم إذا أخذوا منها ما يعينهم على هذا العمل الصالح، طالما أنه لا عمل له آخر يكفيه نفقته ونفقة بيته.
فالحاصل أن المؤذن إذا دُفع إليه ما يعينه على أداء الأذان لحاجته إليه فلا حرج عليه في ذلك، لأن الأذان يحبسه ويحتاج منه الأوقات، فهو يأخذ أجرا على التزامه وحبس وقته لا على العبادة .
لكن من وسع الله عليه، وأحب أن يعمل بدون مقابل ، فذلك أفضل، وأكمل لأنه حينئذ تكون قربته كاملة ليس فيها شيء من النقص، بل عمل عمله كاملاً من دون شائبة.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن بلالا يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ). متفق عليه .
والحكمة في جواز تقديم أذان الفجر على الوقت ما بينه الحديث الذي رواه أحمد وغيره عن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن، أو قال: ينادي، ليرجع قائمكم وينبه نائمكم ) ولم يكن بلال يؤذن بغير ألفاظ الأذان.
( ابن أم مكتوم ) كان أعمى، ويؤخذ منه جواز أذانه إذا استطاع معرفة الوقت.
كما يجوز أذان الصبي المميز.
يطلب الفصل بين الأذان والإقامة بوقت يسع التأهب للصلاة وحضورها لأن الأذان إنما شرع لهذا، وإلا ضاعت الفائدة منه، ولا حد لذلك غير تمكن دخول الوقت واجتماع المصلين.
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن ثم يمهل فلا يقيم، حتى إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج، أقام الصلاة حين يراه. رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي .
من أذن فهو يقيم:
يجوز أن يقيم المؤذن، وغيره باتفاق العلماء، ولكن الأولى أن يتولى المؤذن الإقامة.
قال الشافعي: وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة.
متى يقام إلى الصلاة؟
قال مالك في الموطأ: لم أسمع في قيام الناس حين تقام الصلاة حدا محدودا، إني أرى ذلك على طاقة الناس، فإن منهم الثقيل والخفيف.
وروى ابن المنذر عن أنس، أنه كان يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة.
وقال الإمام أحمد يسن القيام عند قول المؤذن “قد قامت الصلاة” إن رأى المأموم الإمام، فإن لم يره، فإنه يقوم عند رؤيته لإمامه.
وليس هناك دليل واضح من السنة على أحد هذه الأقوال، وإنما هي اجتهادات من الأئمة، حسب ما ظهر لكل منهم.
وعليه، فالأمر في هذا واسع فللمأموم أن يقوم متى شاء في أول الإقامة أو أثنائها… لكن دلت السنة على أن المؤذن إذا أقام الصلاة ولم يدخل الإمام المسجد فإن المأمومين لا يقومون حتى يروه.
فعن أبي قتادة رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي). رواه البخاري ومسلم.
إذا أقيمت الصلاة كره الاشتغال بالتطوع.
فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة )، وفي رواية: ( إلا التي أقيمت ). رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن.
وعن عبد الله بن سرجس قال: دخل رجل المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الغداة، فصلى ركعتين في جانب المسجد، ثم دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يا فلان بأي الصلاتين اعتددت ، بصلاتك وحدك أم بصلاتك معنا؟ ). رواه مسلم.
وفي إنكار الرسول صلى الله عليه وسلم، مع عدم أمره بإعادة ما صلي، دليل على صحة الصلاة وإن كانت مكروهة، وعن ابن عباس قال: كنت أصلي وأخذ المؤذن في الإقامة، فجذبني نبي الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ( أتصلي الصبح أربعا ؟ ). رواه البيهقي.
وقال الحافظ العراقي: (إن قوله: “فلا صلاة ” يحتمل أن يراد: فلا يشرع حينئذ في صلاة عند إقامة الصلاة، ويحتمل أن يراد: فلا يشتغل بصلاة وإن كان قد شرع فيها قبل الإقامة بل يقطعها المصلي لإدراك فضيلة التحريم، أو أنها تبطل بنفسها وإن لم يقطعها المصلي، يحتمل كلا من الأمرين ). [نقله الشوكاني في نيل الأوطار 3/91 ].
ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه إذا أقيمت الصلاة وهو في الركعة الأولى من النافلة فإنه يقطعها، وإذا أقيمت وهو في الركعة الثانية فإنه يتمها خفيفة ولا يقطعها.
قال رحمه الله: والذي نرى في هذه المسألة: أنك إن كنت في الركعة الثانية فأتمها خفيفة، وإن كنت في الركعة الأولى فاقطعها.
ومستندنا في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة). رواه البخاري ومسلم.
وهذا الذي صلى ركعة قبل أن تقام الصلاة يكون أدرك ركعة من الصلاة سالمة من المعارض الذي هو إقامة الصلاة، فيكون قد أدرك الصلاة بإدراكه الركعة قبل النهي فليتمها خفيفة . . . ثم قال: وهذا هو الذي تجتمع به الأدلة اهـ. “الشرح الممتع” (4/238).
وهذا في حق من كان مخاطبا بالجماعة أو وجد في المسجد عند إقامة الصلاة، وأما المرأة في بيتها، أو الرجل المعذور بترك الجماعة فإنه لا يخاطب بهذا الحديث، فله ولها أن يتنفلا مع سماعهما الإقامة في المساجد.
إذا شرع المصلي في نافلة، ثم أقام المؤذن الصلاة، فكيف سيكون القطع للصلاة النافلة؟
من دخل في صلاة، ثم أقيمت عليه الصلاة وأراد أن يقطع؛ فمذهب جمهور العلماء أن قطعها يكون بالتسليم؛ وذلك للحديث” تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم” حيث لم يفرق بين التحليل الذي يكون أثناء الصلاة أو بعد الصلاة، والقاعدة: ” أن النص العام يبقى على عمومه“.
وذهب الحنفية إلى أنه مادام سيقطع الصلاة لا يحتاج إلى تسليم، فقالوا: حتى لو التفت أي التفات أو فعل أي فعل يخرج به عن الصلاة؛ فإنه يجزئه.
ويرجع الخلافُ في هذه المسألةِ إلى اعتبارِ صحَّةِ صلاته مع الصلاة المكتوبة الحاضرة مِنْ عدمِ صحَّتها إِنْ أكملها:
ـ فلازمُ قولِ مَنْ يرى صحَّتَها: الخروجُ منها بالتسليم؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيم».
ـ أمَّا مَنْ قضى بفسادها فلا تُسمَّى صلاةً بالمعنى الشرعيِّ، وإنما هي صلاةٌ صورةً لا حقيقةً؛ فلازمُ هذا المذهبِ: الخروجُ منها بغير التسليم.
ورد النهي عن الخروج من المسجد بعد الأذان إلا بعذر، أو مع العزم على الرجوع، فعن أبي هريرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي ) رواه أحمد وإسناده صحيح.
وعن أبي الشعثاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: خرج رجل من المسجد بعدما أذن المؤذن فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم وأصحاب السنن.
ومن الأعذار المبيحة للخروج: أن يخرج ليتوضأ إذا كان محل الوضوء خارج المسجد، أو يخرج بنية العودة، كما لو خرج ليوقظ أهله مثلا ثم يعود، وكذلك الخروج للصلاة في مسجد آخر إذا علم أنه سيدرك الجماعة فيه.
من نام عن صلاة أو نسيها فإنه يشرع له أن يؤذن لها ويقيم حينما يريد صلاتها، ففي رواية أبي داود في القصة التي نام فيها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولم يستيقظوا حتى طلعت الشمس، أنه أمر بلالا فأذن وأقام وصلى، فإن تعددت الفوائت استحب له أن يؤذن ويقيم للأولى ويقيم لكل صلاة إقامة.
قال ابن عمر رضي الله عنهما : ليس على النساء أذان ولا إقامة. رواه البيهقي.
وقال الشافعي وإسحاق: إن أذن وأقمن فلا بأس.
وروي عن أحمد: إن فعلن فلا بأس، وإن لم يفعلن فجائز.
وعن عائشة: ( أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء، وتقف وسطهن ). رواه البيهقي.
قال صاحب المغني: ومن دخل مسجدا قد صلي فيه، فإن شاء أذن وأقام، نص عليه أحمد لما روى الاثرم وسعيد بن منصور عن أنس: أنه دخل مسجدا قد صلوا فيه فأمر رجلا فأذن بهم وأقام، فصلى بهم في جماعة، وإن شاء صلى من غير أذان ولا إقامة، فإن عروة قال: إذا انتهيت إلى مسجد قد صلى فيه ناس أذنوا وأقاموا، فإن أذانهم وإقامهتم تجزئ عمن جاء بعدهم، وهذا قول الحسن والشعبي والنخعي، إلا أن الحسن قال: كان أحب إليهم أن يقيم، وإذا أذن فالمستحب أن يخفي ذلك ولا يجهر به، لئلا يغر الناس بالأذان في غير محله.
يجوز الفصل بين الإقامة والصلاة بالكلام غيره، ولا تعاد الإقامة وإن طال الفصل.
فعن أنس بن مالك قال: أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلا في جانب المسجد فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم. رواه البخاري.
وتذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوما أنه جنب بعد إقامة الصلاة، فرجع إلى بيته فاغتسل ثم عاد وصلى بأصحابه بدون إقامة.
ما أضيف إلى الأذان وليس منه:
الأذان عبادة، ومدار الأمر في العبادات على الإتباع، فلا يجوز لنا أن نزيد شيئا في ديننا أو ننقص منه، وفي الحديث الصحيح: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ): أي باطل.
ونحن نشير هنا إلى أشياء غير مشروعة درج عليها الكثير، حتى خيل للبعض أنها من الدين، وهي ليست منه في شئ، من ذلك:
1– قول المؤذن حين الأذان أو الإقامة: أشهد أن سيدنا محمدا رسول الله.
رأى الحافظ ابن حجر أنه لا يزاد ذلك في الكلمات المأثورة، ويجوز أن يزاد في غيرها .
2– قال الشيخ إسماعيل العجلوني في كشف الخفاء مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما عند سماع قول المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله، مع قوله: أشهد أن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا.
رواه الديلمي عن أبي بكر، أنه لما سمع قول المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله، قاله وقبل باطن أنملتي السبابتين ومسح عينيه فقال صلى الله عليه وسلم: من فعل فعل خليلي فقد حلت له شفاعتي.
قال في المقاصد: لا يصح
3– التغني في الأذان واللحن فيه بزيادة حرف أو حركة أو مد، وهذا مكروه، فإن أدى إلى تغيير معنى أو إبهام محذور فهو محرم.
وعن يحيى البكاء: قال رأيت ابن عمر يقول لرجل إني لأبغضك في الله، ثم قال لأصحابه: إنه يتغنى في أذانه، ويأخذ عليه أجرا.
4– الجهر بالصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم عقب الأذان غير مشروع، بل هو محدث مكروه.
قال ابن حجر في الفتاوى الكبرى: قد استفتى مشايخنا وغيرهم في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم بعد الأذان على الكيفية التي يفعلها المؤذنون، فأفتوا بأن الأصل سنة، والكيفية بدعة، وسئل الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية عن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الأذان؟ فأجاب: ( أما الأذان فقد جاء في ( الخانية ) أنه ليس لغير المكتوبات، وأنه خمس عشرة كلمة وآخره عندنا، لا إله إلا الله، وما يذكر بعده أو قبله كله من المستحدثات المبتدعة، ابتدعت للتلحين لا لشئ آخر ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين، ولا عبرة بقول من قال: إن شيئا من ذلك بدعة حسنة، لان كل بدعة في العبادات على هذا النحو فهي سيئة، ومن ادعى أن ذلك ليس فيه تلحين فهو كاذب.